الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 13:02

لماذا؟!/ بقلم: ابراهيم عبدالله صرصور

ابراهيم عبدالله صرصور
نُشر: 19/02/20 09:44,  حُتلن: 13:46

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

ونحن على مسافة قصيرة من جولة ثالثة لانتخابات الكنيست في اقل من سنة، وذلك في سابقة غير مألوفة في تاريخ السياسة الاسرائيلية منذ قيام الدولة وحتى الآن، وفي ظل وضع تقف فيه جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل أمام مفترق طريق خطير بسبب تعاظم المد الصهيوني – اليهودي اليميني المتطرف الذي كَشَّرَ عن انيابه العنصرية بشكل غير مسبوق من جهة، وطغيان الغطرسة الصهيو – أمريكية الممثلة في ما يسمى بصفقة القرن، والتي جاءت كملحق تنفيذي لقانون القومية الذي صادقت عليه الكنيست في 19.7.2018، والتي تسعى الى شطب القضية الفلسطينية من حيث هي شعب ووطن ورواية ومقدسات وتاريخ من جهة ثانية، وانهيار شامل للنظام العربي في أغلبه الساحق، من أبرز سماته هرولة أنظمته المستبدة والفاسدة في اتجاه التطبيع مع إسرائيل وبيع ما تبقى من الكرامة العربية في سوق النخاسة من جهة ثالثة، وارتباك محير في المشهد الفلسطيني الذي غابت عن فضائه أبسط صور الوحدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي السرطاني من جهة رابعة، نقف نحن كمجتمع عربي فلسطيني في الداخل في مواجهة هذا الطوفان المتلاطم الأمواج بلا سند تقريبا إلا ما نملك من وحدة ووعي وإرادة ورؤية والتفاف جماهيري حول ثوابتنا الدينية والوطنية، واستعداد غير محدود للتضحية بكل غال وثمين في سبيل حماية الوجود والهوية والحقوق، والذي لا ينغصه إلا أصوات نشاز أمتهنت صنعة التطاول، ووضع العصي في عجلات المركبة الوطنية طمعا في لفت الانتباه وتحقيق بعض المكاسب الأنانية التي لا تخدم إلا أعداء مشروعنا وقضيتنا المقدسة..

نحن امام فرصة ذهبية نتدارك فيها ما فات ونستعد بكل عناد وإصرار لما هو آت!... امام هذه الفرصة التي قد تكون الأخيرة، تشخص أمامنا أسئلة ملحة تبحث عن إجابات شجاعة وسط ركام وحطام ينتظر من يعيد بنائه وتحويله الى بركان يفجر طاقة شعبنا الكامنة، ويملأه املا وتفاؤلا بعدما مُلئ يأسا وإحباطا!...

لماذا نحن في أمس الحاجة للقائمة المشتركة من جديد؟

1 . لأنها جسَّدْتِ الوحدة العربية بصورة مشرفة للمرة الأولى منذ نكبة العام 1948، أي بعد نحو سبعين عاما من مشوار الكفاح الوطني الذي خاضته الجماهير العربية في الداخل. القائمة المشتركة هي تعبير صادق فعلا عن ارادة شعب..

2. لأنها شَكَّلْتِ النموذج الذي جاء على غير ميعاد وسط منطقة عربية – فلسطينية صاخبة، من أبرز سماتها تفتيت المفتت، وتقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ.. قَدَّمَ المجتمع العربي داخل إسرائيل النموذج الذي يستحق ان يكون مثالا يحتذى به فلسطينيا وعربيا.

3. لأنها حجزَتْ للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني مكانا لهم كقوة ثالثة في الكنيست بعد الحزبين الكبيرين، لأول مرة في تاريخها، الأمر الذي أكسبها زخما فرضت بسببه حضورها اللافت من جهة، وإرادتها على الحكومة والبرلمان من جهة أخرى، استطاعت من خلاله تحقيق إنجازات تجاوزت إنجازات الأحزاب العربية منفردة كما في الماضي.

4. لأن من خلالها حاز مجتعمنا العربيِ على احترام حكومات العالم ومؤسساته الدولية التي بدأت تتعامل مع المجتمع العربي كمجوعة قومية ذات تمثيل معتبر يستحق الاحترام ويجب الاصغاء اليه..

5. لأن القائمة المشتركة قد شكَّلْت حاضنة لكل احزابها ونوابها، وغطاء لكل مجتمعها ونُخَبِهِ ونشاطاته الوطنية، وسندا لمؤسساته الجامعة وهيئاته التمثيلية كلجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء، ولجان الطلاب في الجامعات والمعاهد العليا وغيرها.. أصبحوا بك جميعا أكثر قوة، وأعمق تأثيرا، واقوى ثقة بالنفس..

6. لأن القائمة المشتركة تعتبر وبجدارة الذراع السياسية للمجتع العربي الفلسطيني وللجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الفلسطينية في الداخل، والمرشحة لأن تتسع مستقبلا لتشمل كل الاطياف والالوان السياسية وغيرها في مجتمعنا..

7. لأنها إن قويت شوكتها، وزاد عدد اعضائها، ستزداد معها قدرتها على المناورة في الكثير من الحالات، وعند الكثير من المنعطفات في السياسية الاسرائيلية، وتحقيق الكثير من الانجازات، ومنع الكثير من المفاسد والسياسات الإسرائيلية العنصرية..

8. لأنها أبدا لم تزعم انها البديل للتشكيلات الاسلامية والوطنية القائمة والجامعة، وإنما هي واحدة من مسارات النضال الذي يجب ان يتعزز وعلى جميع المستويات، بل إنها ما وُلِدَتْ إلا لتكون السند لجميع هذه المسارات، والمدافعة عنها في جميع المحافل والميادين، والحامية لها من كل الاخطار..

9. لأنها من الشعب وإلى الشعب، ولن تكون عليه أبدا..

10. لأنها تحالف القوى الاسلامية والوطنية والقومية والاشتراكية، الذي صدح بكلمة الحق في وجه السلطان الجائر في زمان فاض بالمنبطحين والمهرولين..

لماذا نرفض العزوف عن ممارسة حق الانتخاب؟

فور صدور القرار بتبكير الانتخابات عَلَتْ – مع الأسف - الأصوات "المثبطة" و"المُخَذِّلَة" ذاتها لتبدأ معركتها من جديد تشويها للعمل الحزبي العربي، وتعميقا لحالة الشرذمة، وتأجيجا للصراعات الداخلية، وإضعافا للوحدة العربية..

لمصلحة من يحدث كل هذا؟!! لا شك انه خدمة مجانية للأحزاب الصهيونية التي تنتظر في الزاوية لافتراس الصوت العربي، والسيطرة على المجتمع العربي، والعودة به الى سنوات مضت ضحى مجتمعنا كثيرا من اجل التحرر منها..

عند الحديث عن عدم المشاركة في ممارسة الحق في التصويت لانتخابات الكنيست، يخلط الكثيرون بين المقاطعة لأسباب أيدلوجية، وعدم المشاركة لأسباب مختلفة كاللامبالاة، عدم الاكتراث وربما غياب الدراية بالأخطار المترتبة على عدم المشاركة.. الخ ...

الحقيقة أن الأغلبية الساحقة من مجتمعنا العربي لا تؤمن بالمقاطعة أبدا، وهي مستعدة للتحرك في اتجاه المشاركة ورفع نسبة التصويت الى الحد الأقصى والذي يعني (18) عضوا عربيا في الكنيست القادمة واكثر، إذا ما توفر عدد من العوامل التي يجب ان تهتم الأحزاب العربية بها..

لعدم المشاركة في التصويت في الانتخابات البرلمانية في إسرائيل مهما كانت أسبابها (أيديولوجية او إهمالا او لامبالاة وعدم اكتراث)، مخاطر كثيرة من أهمها:

1. تنازل طوعي عن حق مكفول قانونا، قد يمهد لتنازلات أخرى.

2. تفريغ الساحة البرلمانية والساحات ذات الصلة محليا وإقليميا ودوليا من الصوت العربي المنغص والمؤثر، وهذا ما يتمناه اليمين الإسرائيلي المتطرف.

3. الدفع بالمجتمع العربي إلى أحضان الأحزاب الصهيونية من جديد بعدما نجحت جماهيرنا بعد جهود وجهود من تحرير الصوت العربي من احتلال الاحزاب الصهيونية، مما نعتبره إنجازا وطنيا من الدرجة الأولى.

4. تعزيز قوة الأحزاب الصهيونية الكبرى، فمن الثابت عمليا وبناء على دراسة قانون الانتخابات الإسرائيلية، إن عدم المشاركة في التصويت لا يعني إلغاء الصوت، وإنما وفي إطار الحساب النهائي للأصوات، فإن عدم المشاركة يخدم الأحزاب الصهيونية الكبرى.

5. انهاء الوجود العربي في الكنيست، وهو ذات الموقف الذي تتبناه احزاب اليمين الصهيوني التي لا تريد ان ترى العرب في البرلمان ...

لماذا تحتاج المشتركة الى مزيد من التعزيز؟

ينبع إصرار الحركة الإسلامية على ضرورة تعزيز القائمة المشتركة وعدم التفريط بها مهما كانت الأسباب، من رؤيتها الأيديولوجية لمسألة الصراع الوجودي بيننا كأقلية قومية فلسطينية عربية وبين المشروع الصهيوني الذي ما زال يرى فينا أعداء يجب التضييق عليهم بكل الوسائل تمهيدا لتنفيذ مخطط "التطهير العرقي" الذي بدأوه عام 1948، ولن ينتهي بخطة "صفقة القرن" التي شملت بندا ينص على تهجير سكان المثلث العربي في إطار ما ترسمه الخطة من تسوية زائفة وظالمة لن تتحقق أبدا بعون الله ثم بوعي جماهير شعبنا الفلسطينية والامتين العربية والإسلامية واحرار العالم..

من اهم ملامح هذا مشروع الحركة الإسلامية المستند الى القرآن والسنة، السعي الحثيث لجمع شتات الشعب، والتوحيد بين قواه المختلفة، والتركيز على المشترك بعيدا عن كل ما يفرق ويشتت..

تنفيذا لهذا الرؤية الاستراتيجية حرصت الحركة الإسلامية بعد قرارها خوض الانتخابات البرلمانية عام 1996 الا تخوضها منفردة.. كان هذا جزءا لا يتجزأ من قرارها الذي أقرته مؤسساتها العليا (مجلس الشورة والمؤتمر العام).. لذلك رفضت كل الدعوات والتي جاءت لخوض الانتخابات منفردة. سبب ذلك ان الحركة الإسلامية لم ترغب في ان تزيد المشهد العربي المنقسم أصلا انقساما جديدا.. تحققت الوحدة وإن جزئيا باتفاق مبارك بين الحركة الإسلامية مع الحزب الديموقراطي العربي قدم للمجتمع العربي تجربة جميلة حظيت بالاحترام والتقدير والدعم، كما ظلت صامدة لحين تشكل القائمة المشتركة التي أصبحت الإطار الجامع الجديد لأطياف المجتمع العربي في أغلبه الساحق، والتي كان للحركة الإسلامية حصة الأسد في تشكيلها وإخراجها الى الحياة جنبا الى جنب مع باقي الشركاء بلا استثناء..

ظلت الحركة الإسلامية وفية لخطها الوحدوي التي تبنته بقوة خدمة لأجندة شعبنا العربي الفلسطيني في الداخل والتي تتحدد في ملفين رئيسيين. الأول، الملف المطلبي (وجود، هوية وحقوق). والثاني، الملف الوطني والقومي محليا، إقليميا ودوليا..

مهما قيل في أسباب ميلاد "المشتركة"، فلا شك ان ميلادها جاء تعبيرا عن أشواق وأحلام لطالما راودت مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية.. أعنى بذلك "الوحدة" بكل معانيها وبكل مستوياتها.. لذلك لا نبالغ إذا قلنا إن "المشتركة" جاءت كرد طبيعي على حالة التمزق والانحطاط الذي تعيشه منطقتنا بشكل عام، أعطت الأمل أن تغييرا جذريا في هذا الواقع ممكنٌ إذا ما "أراد الشعب"..

**** الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني

مقالات متعلقة