للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
قد يراودكم لا اراديا التفكير بحب من نوع اخر، أكثر شيوعا الا وهو – الحب في زمن الكوليرا- لمن لا يعرف الحب في زمن الكوليرا هو عنوان لرواية كتبها الكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل للأدب غابرييل غارسيا ماركيز.
الرواية عبارة عن قصة حب يائسة ومليئة بالأمل بذات الوقت ففي طيات احداثها البطيئة السريعة لا يجد الحب طريقه بشبابه الا بعد بلوغه السبيعين عام لينضج ويشعل فتيل حب اخمدته السنين بين رجل اسمه فلورنتينو اريثا وامرأة اسمها فيرمينا داثا, تدور الاحداث في سفينة نهرية حيث يقوم فلورنتينو اريثا بدعوة حبيبته فيرمينا داثا والتي بدورها وافقت ولبت الدعوة. يبدا لورنتينو اريثا بالعودة والتقرب منها بعد انقطاع دام سنوات، وبعد ان فقدت الايمان بأن الحب لا يزال يليق بزمن الشيخوخة.
ولكي يشعرها بالراحة أكثر، ولتتصالح مع نفسها يقوم فلورنتينو اريثا بالتخلص من ركاب السفينة بحركة ذكية الا وهي: رفع راية صفراء هدفها الإشارة عن انتشار وباء الكوليرا وهكذا لا يوجد للفراق أي مدخل، خاصة بعد ان فرض على السفينة الحجر الصحي وبالتالي تجنبوا العودة الى اليابسة، حيث تسيطر القوانين المحافظة الابوية وتتجاهل كل ما يسمى مشاعر.
بالعودة الى الواقع الحالي جميعنا ندرك اننا نعاني من وباء اشد من الحب واشد من الكوليرا الا وهو؛ الفيروس التاجي المعروف بالكورونا الذي بدأ بالانتشار في إقليم هوبي تحديدا بمدينة ووهان الصينية.
يرجح العلماء ان الفيروس قد بدأ بالظهور في أسواق المأكولات البحرية التي تتيح إمكانية بيع الحيوانات حية ومنها الخفافيش الني حضنت هذا الفيروس.
من اعراض هذا المرض الحمى، السعال, ضيق النفس والتعب إضافة لإعراض أخرى. خطورته تكمن في انتقاله من شخص الى اخر وفقط بعد مرور ما يقارب الأسبوعين تظهر احدى اعراضه، حتى هذه اللحظة يواصل الفيروس بالانتشار دون التوصل الى لقاح يساعد في القضاء عليه او الحد من انتشاره على الاقل.
لم ينحصر تفشي هذا المرض في الصين لوحدها بل سافر وزار مختلف دول العالم، ووسط الهلع العالمي الشديد فرضت مختلف القرارات مثل: حظر التجمعات البشرية التي كان من شأنها جمع عدد كبير من الناس تحت سقف واحد, الغاء الحفلات, المناسبات والخ ... خاصة في دول شرق اسيا.
كل تلك التقييدات والهواجس التي سببها الكورونا لم تشكل عائقاً امام الحب, ففي كوريا الجنوبية اجتمع ما يقارب الثلاثين ألف شخص للاحتفال بواحد من أكبر الأعراس الجماعية بعد انتظار دام الأربع سنوات، المثير في هذا الحفل كان ارتداء الحضور إضافة لثيابهم الاحتفالية كمامات طبية للوقاية من انتشار العدوى, مع الحفاظ على عادات وتقاليد الاعراس فنرى العروس وقد ارتدت كمامة بيضاء بما يليق مع فستان فرحها بينما قام العريس بارتداء كمامة سوداء .
يقول معظم الأزواج رغم تسجيل عشرات حالات المرضى بالكورونا انهم لم يشعروا بالقلق، ولا يوجد أي عائق سيمنعهم من تبادل العهود.
وبإجماع مليء بالحب والثقة تعاهدوا على البقاء سوية في " السراء والضراء، في المرض والعافية، حتى يفرقهم الموت" , ولكم ان تتخايلوا مشهد تبادل القبل بين الأزواج وسط عائق الكمامات!
بالإضافة لمشهد الحب النقي هذا هنالك مشاهد إضافية تشير الى محبة من انواع أخرى مثلا: فبعد ان عُلقت غالبية الرحل الى الصين وأعلنت الأخيرة حاجتها للدعم وطالبت دول العالم الوقوف معها لتخطي هذه المحنة قام عباس زكي عضو في حركة فتح والمفوض العام للعلاقات العربية الصينية بوضع عدد من الأطباء الفلسطينيين رهن الإشارة للتوجه للصين والمشاركة في التصدي لهذا الفيروس بعد ان أكد تضامن وتعاطف الشعب الفلسطيني مع الشعب الصيني الصديق.
اما اليمن ورغم ما تمر به من مأساة إنسانية أعلنت أيضا تضامنها مع الصين والعراق رغم انشغالها بثورتها أعلنت وققها ودعمها الكامل للصين وبالحديث عن السعودية كتب في أحد المواقع الخليجية "مملكة الإنسانية تشاطر الصين "هموم كورونا" وتساند جهودها بمساعدات نوعية" عنوان كهذا يلخص وبشكل واضح موقف السعودية "المتواضع".
اما بالنسبة لمصر أكبر دول العالم العربي اثارت سلسلة تصريحات وزيرة الصحة السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي فمرة قالت: " ان حالة المصاب بالكورونا بمصر لا يمكنها نقل العدوى للأخرين" , ومرة أخرى ادعت ان منظمة الصحة العالمية ستوفر الدواء خلال ثلاثة أسابيع وأضافت بأنها ستوثق تعاملها مع الفيروس وسترسل تقارير خاصة للمنظمة ليستفيدوا منها.
كل هذه التصاريح جاءت بلغة انجليزية مشوهة طغت عليها اللهجة المصرية وما زاد من لذعة وقسوة المناشير الفيسبوكية الناقدة وتغريدات التويتر التي بحسب مغرديها قيل: "وزيرة الصحة هي من تشكل خطر حقيقي على صحة حياة المصريين وليس الكورونا" من جهتها عقبت وزيرة الصحة على ان قسم من المصريين خاصة من سخروا منها " يعانون من مرض فتاك في اخلاقهم وعليهم ان يتعالجوا".
بعيدا عن هذه التصريحات المريبة والمشادات الواقعية الافتراضية، طلبت الصين من مصر استيراد ٢٠٠ مليون كمامة طبية لان غالبية مصانع صناعة الكمامات في الصين متواجدة في ووهان والتي تعتبر أكبر المقاطعات الصناعية في الصين وكنتيجة لاجتياح الكورونا تم اغلاق المصانع ولكثرة الطلب أصبحت الصين تعاني من نقص في الكمامات.
تتفاوت الآراء حول اساب ظهور هذا الفيروس فمنهم من يعتبرونه مؤامرة أمريكية وسلاح بيولوجي تم تطوريه لزعزعة اقتصاد الصين متجاهلين الخطر العالمي الذي سيفتك بالنظام الاقتصادي كله ومن سيتضرر هي أمريكا بالدرجة الأولى لأنها تعتمد على العديد من شرك التصنيع بالصين.
مجموعة أخرى ترى بالكورونا غضب وانتقام رباني لما يفعله النظام الصيني الشيوعي بالأقلية المسلمة "مسلمي الايغور"
البعض الاخر وعلى سبيل الفكاهة يرى هذا المرض كخطة اقتصادية تعزز من توطيد العلاقات الاسرية فمثلا لا حاجة للسفر الان او الشراء عبر الانترنت خوفا من العدوى.
صحيح ان صديقنا العاشق وجد بالسفينة ووباء الكوليرا حلا والذي مكنه بالعودة الى حبيبته المسنة بعد انقضاء اكثر من نصف قرن ولكن احداث هذه الرواية الرائعة " الحب في زمن الكوليرا" التي غيرت نظرة العالم الادبي لهذا النوع من الأساليب الكتابية تتضارب مع احداث الواقع فالان في ميناء يوكوهاما باليابان تتواجد السفينة السياحية "دايموند برينسيس" والتي على متنها ٣٧١١ شخص من ٥٦ دولة مختلفة أصيب منهم بالكورونا ما يقارب ٥٤٢ والعدد في ازدياد.
لم يجد مسافرو هذه السفينة الراحة والحب كما وجد ابطال رواية الحب في زمن الكوليرا فبعد حلول وقت قصير تحولت هذه السفينة الفاخرة الى سجن بسجناء دون تهمة اقصى امالهم كانت العودة والموت في اوطانهم.
"إن هذا الحب في كل زمان ومكان، ولكنه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت"
غابرييل غارسيا ماركيز
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com