مفتشو وزارة المالية يقومون بلصق أوامر هدم أمس على منازل الأهل بقرية رخمة في النقب
ويكشف الفحص الذي قام به مراسل "كل العرب" عن العدد الهائل من أذرع السلطة التي تقوم بملاحقة عرب النقب البدو في كل سبل الحياة: سلطة الإنفاذ التابعة لوزارة المالية للصق أوامر هدم على البيوت وأوامر تهجير، و"سلطة أراضي إسرائيل" و"الكيرن كييمت" لملاحقة أصحاب الأرض، و"الدوريات الخضراء" و"سلطة حماية الطبيعة" ضد أصحاب الحقول وأصحاب المواشي الذين يتم إبادة محاصيلهم وتغريمهم كما كان في الأيام الأخيرة في منطقة الخلصة وأم خشرم وغيرها، هذا إلى جانب المناطق العسكرية التي يُمنع فيها المرعى، وحدة "يوآف" التابعة للواء الجنوب في الشرطة، التي تقوم على حماية كل هذه الأجسام وفوق ذلك تقوم هي بتنفيذ الهدم على أرض الواقع، بدون أن يكون هناك أي مراقبة قانونية، فيما إذا كان عمل هذه الوحدة هو الهدم كما حصل في العراقيب عدة مرّات. أما المكاتب الحكومية التي تلاحق البدو فهي وزارة الزراعة، ووزارة الأمن، ووزارة الاقتصاد، ووزارة البيئة، ووزارة الإسكان، ووزارة المالية - وكل وزارة أقامت لها ذراع لخدمة مخطط التهجير.
ويشبّه أحد الناشطين في النقب هذه الوحدات والأذرع بأنها "كالأخطبوط له رأس واحد هدفه تهجير المواطنين العرب من أراضيهم وملاحقتهم في معيشتهم وزراعتهم وحتى في تربية مواشيهم".
عطية الاعسم
"ستدور الدائرة على كل ظالم"
عطية الأعسم، رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، يقول: "الكراهية للبدو أوصلت هذه الأذرع إلى سياسة عمياء ضد البدو، حيث لا يتورعون عن أي عمل سواء هدم، أو حرث محاصيل، أو مصادرة مواشي أو تغريم المزارعين وكل هذه الأمور التي تأتي في باب الملاحقة بمعنى الكلمة. نحن نتساءل، أليس هنالك عقلاء في دولة إسرائيل، حتى يوقفوا هذه الأعمال البربرية؟ تمّ ملاحقة اليهود خلال التاريخ من قبل الأوروبيين، سواء الأسبان أو الروس أو الألمان، وهم يريدون أن يطبقوا هذه السياسات على المواطنين البدو".
وتابع قائلا: "المواطنون البدو لا يريدون إلا العيش بكرامة في قراهم وعلى أرضهم، وهذا الأمر الذي لا ترضاه هذه الأذرع. هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال يقومون بأعمال مماثلة في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية، ولهم علاقة وثيقة بالمستوطنين المتطرفين الذين يؤمنون أنه ليس للعرب مكان في هذه البلاد".
ويختم قائلا: "نحن نقول إنّه ستدور الدائرة على كل ظالم وسيدفع كل ظالم ثمن الإجرام الذي فعله".
معيقل الهواشلة
ويقول معيقل الهواشلة، المؤكّز الميداني للمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، في حديث لمراسل "كل العرب": "هذه القرى تنقصها كافة الخدمات، ولا توجد فيها بنية تحتية لا صحية ولا غيرها، وبعضها لا يوجد فيها حتى محلات تجارية لبيع حتى المؤن الغذائية، وفوق ذلك تستمر السلطات بإلصاق أوامر الهدم والملاحقة وفي الأيام الأخيرة طالت هذه الأوامر قرى رخمة، سهل البقار، وبئر هدّاج وتل عراد. هذه السياسة يجب أن تنتهي بصورة نهائية، وكم بالحري في هذه الأوقات وحالة الطوارئ التي نعيشها في ظل وباء الكورونا في كافة أنحاء الدولة".
الاتفاق لم ينفذ
ويقول النائب سعيد الخرومي، ابن بلدة شقيب السلام، إنّه "بالأمس كان تفاهم على وقف الهدم في قرى النقب وكذلك توزيع أوامر الهدم والترحيل خلال فترة الطوارئ التي تمر بها البلاد. للأسف هذا الصباح (الاثنين) بدأت إحدى الجهات - فهناك أكثر من جهة - وهي وحدة تابعة لوزارة المالية بتوزيع وإلصاق أوامر هدم في عدة قرى تحت الادعاء أن هذا البناء بني خلال الأيام القليلة الماضية – أي خلال فترة الطوارئ".
ويتابع قائلا: "قمت خلال النهار باتصال مستمر مع عدة جهات من شرطة ومالية وغيرها لوقف خرق التفاهم الذي تم أمس. قبل قليل كان تواصل مع وزير المالية كحلون وأبلغناه - أنا والنائب أيمن عودة والدكتور منصور عباس - بخطورة الأمر ووعد بمعالجة الأمر".
ولخص النائب الخرومي الاتفاق قائلا: "نحن نلتزم من طرفنا بعدم البناء الجديد خلال فترة الطوارئ ونبقى في البيوت حفاظاً على سلامتنا وسلامة أهلنا، وإذا تجددت أوامر الهدم ولم يلتزم الطرف الآخر بالتفاهمات الضرورية لحفظ حياة الناس في هذه المرحلة الخطيرة، فإننا نخطط لفعاليات جماهيرية ضخمة خلال الأيام المقبلة".
وختم بتوضيح هام قائلا: "طرحت الموضوع اليوم على الهيئة العامة للكنيست مرتين وكلي أمل أن تحدث إنفراجة مهمة في هذا الملف. نؤكد مرة أخرى أن التفاهمات هي لفترة الطوارئ الحالية ولحفظ حياة الناس وعدم انتقال عدوى مرض الكورونا الذي يشكل تهديد مباشر لنا جميعا".
النائب سعيد الخرومي
منظمات المجتمع المدني تتجند
من جانبها، قامت عدد من منظمات المجتمع المدني، بالتوجه بنداء إلى وزير الزراعة تساحي هانغبي، المسؤول عن "سلطة توطين البدو"، لوقف هدم البيوت العربية في النقب.
وجاء في النداء: "بالرغم من تعليمات وزارة الصحة، ما زال المفتشون يواصلون توزيع أوامر الهدم ودعاوى للتحقيق في أنحاء النقب. التمييز يصرخ- بدلًا من ان تسهل الحكومة على الفئات المهمشة - تكمل التصدي لها".
ووقع على هذا النداء كل من المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، منتدى التعايش السلمي في النقب، شتيل، مركم ازوري-يروحم، جمعية سدرة - نسيج النقب وايتخ-معك، والتي طالبت الجماهير بالتوجه إلى هانغبي، حيث كتبت: "مرحبًا تساحي هنغبي، في هذه اللحظات ما زالت أوامر الهدم للمنازل البدوية في النقب مستمرة. ومن غير المعقول أن تستمر الدولة بالتصدي لمواطنيها، بدلًا من أن تمد يد المساعدة لهم! انا انضم لهذا الطلب- واطلب من المفتشين المغادرة فورًا! ننتظر مساعدتك الفورية...".
مدير عام سلطة البدو ينضم للطلب
من جانبه، توجه أيضا مدير عام "سلطة توطين البدو"، يئير معيان، إلى مسؤول الإنفاذ في وزارة المالية، وطالبه بتجميد أوامر الهدم في المجتمع العربي في النقب، حتى انتهاء فترة الوباء، وبالمقابل العمل بصرامة ضد كل بناء جديد.
وجاء في رسالة معيان، أنّه يأتي هذا الطلب "من أجل التشديد على مساعدة المواطنين وجاهزيتهم لعلاج الوباء"، لافتا إلى "تجميد أوامر الهدم في البلدات القائمة، إلا في حالة بناء جديد حيث سيقوم المفتشون بتنفيذ القانون ضدهم وعدم استغلال وضع الطوارئ لصالحهم".