الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 21 / نوفمبر 13:01

إسرائيل ما بعد الكورونا/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 17/05/20 11:12,  حُتلن: 15:00

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

لقد مر خمسة أشهر على تفشي وباء الكورونا في إسرائيل، وقد أوقع هذا الوباء أضرار وخسائر جسيمة خاصة على مجتمعنا العربي، كما كشف الضعف البنيوي للنظام الاقتصادي و جهاز الصحة و الإدارة في الدولة العبرية، هذا و أصاب هذا الفيروس فئات واسعة من المجتمع اذا كان ذلك المُعمرين والذين يقطنون في بيوت المسنين، المتدينين اليهود "الحريديم"، اجزاء كبيرة من الطبقات اليهودية الوسطى التي قدمت من خارج البلاد، أضافة الى بعض أجزاء من المجتمع العربي.


وعلى الرغم من أن نسبة العرب من المصابين و الوافيات كانت ضئيلة جدا ووصلت الى 800 مصاب كانت إصابات خفيفة، نجمت بالأساس عن عدوة من طواقم طبية ومن بعض الاعراس و الجنازات الجماهيرية في المجتمع العربي .


و في مقابلة صحافية لافتة لوزير الداخلية الإسرائيلي "اريه درعي"، اعترف وأمام الملأ في القناة الاولى بان 70% من المصابين في فيروس الكورونا هم من الحريديم اليهود (أي عشرة ألاف مصاب من مجموع 16000 مصاب)، أما الباقي فيمكن أن يكون اناس اخرين احضروا بالطائرات من خارج البلاد و يبلغ عددهن حوالي 30% اي(3500 مصاب) , و ليتبقى العدد القليل من المصابين هم من العرب أي 850 مصاب، و شفي غالبيتهم .


هذا و كشفت أزمة الكورونا بأن سبب عدم الإصابة الكبيرة وواسعة النطاق عند الجماهير العربية يعود الى تواجد المجتمع العربي الفلسطيني في هذه البلاد في حيز جغرافي سكاني منفصل يعيش غالبيتهم في الجليل و المثلث ولا يعيشون في المدن اليهودية المتوسطة والكبيرة منفصلة عن الاحياء اليهودية.


هذا و يمكن القول بأن نسب عالية من الطواقم الطبية اذا كان ذلك أطباء او ممرضين وممرضات من أبناء المجتمع العربي، حيث ان سياسة الإقصاء في التعليم، العمل والوظائف، دفعت العرب و بنسب عالية لان يتعلموا مهنة الطب و التمريض في الجامعات العالمية، وقد ظهرت مهنيتهم و مهاراتهم في أوجه هذه الأزمة .


وعلى الرغم من عدم الإصابة القوية من حيث المصابين و الوفيات في المجتمع العربي، الى انه يمكن القول بأن الاقتصاد المحلي و سوق العمل العربي قد انهار تماما و من الصعب ان يستعيد عافيته بالشكل الصحيح و اللائق، حيث ان عشرات الإلف فقدوا وظائفهم و عشرات الإلف من المصالح الصغيرة العربية قد انهارت، بحيث تضاف هذه الأرقام الضخمة إلى حوالي مليون عاطل عن العمل في كافة إنحاء البلاد .


هذا ويتبين و بنظرة مجردة الى ان المجتمع العربي يعاني من ثلاثة عناصر مركزية، أولا ً : إشغال غالبيتهم لإعمال تتعلق بإعطاء الخدمات، والعمل اليدوي والغير مهني في الاقتصاد الاسرائيلي و يبقى عليهم صعوبة في الانتقال الى العمل الذي يتعلق بالتكنولوجيا و الخدمات التقنية العالية التي يشغلها اليهود والذي أصيبوا اقل في داء البطالة .
ثانيا، تعتمد عملية الإنتاج في هذه الدولة في واقع الامر على العمالة العربية، واذا لم تتوفر تلك العمالة إضافة الى العمال الفلسطينيين الذين يأتون الى اسرائيل يوميا الغربية، فأن عجلة التشغيل الإنتاج والنمو في هذه الدولة ستتوقف و تنهار انهيار كاملا .


ثالثا، لقد اثبت القيادة السياسية الاقتصادية و الإعلامية الإسرائيلية خلال الازمة، انها تتجاهل الإنسان العربي وتنظر اليه باستعلاء واضح للعيان وتنظم ضده وبشكل صارخ عنصرية خفية ومرئية على كافة الأصعدة .


هذا ولم تعي القيادات العربية اذا كان ذلك في القائمة المشتركة ام في اللجنة القطرية و لجنة المتابعة و كافة رؤساء المجالس والبلدات العربية، هذا الإجحاف الفاضح الذي كشفته جائحة الكورونا، فالأعلام الإسرائيلي كان يروج خلال الازمه بأن بؤر الوباء مصدرها من المجتمع العربي على الرغم من ان المجتمع العربي كان خاليا تقريبا و نسبيا من هذا الوباء .


ولم نسمع من النواب العرب اي دفاع حقيقي عن الحقائق التي ذكرتها في بدأ مقالتي بأن الوباء لم يأتي من الوسط العربي، بحيث كان على هؤلاء النواب و الرؤساء ان يذكروا تلك الحقائق ويفندوا اكاذيب الاعلام العبري والقياده السياسية الموجهه ضد العرب في هذه البلاد .


وقد سمعت اكثر من مرة مقابلات مع قيادات القائمة المشتركة في الأعلام العبري ولم يدافع بشكل حقيقي عن الوسط العربي و يذكرون هذا الأعلام العبري بالكوارث التي حلت بالوسط العربي نتيجة لخطوات الحكومة لمواجهة هذا الوباء .


كما وانهم لم يسمعوا الرأي العام اليهودي في البلاد ما فعلته الطواقم الطبية العربية الضخمة و العالية المهنية من أجل الاستماتة في مقاومة هذا الوباء، واضافة الى خطوات الحكومة بعدم تعويض مئات الالف من المواطنين العرب وبالشكل الصحيح كخطوة تميزية وعنصرية لمنع انهيار قطاعات واسعة من الاقتصاد العربي كالسياحة و الزراعة و النقل والخدمات، والمجالس المحلية .


ويبدو واضحا للعيان بأن الحكومة الجديدة التي ستقام بقيادة نتنياهو سوف تستمر في تجاهل الكيان العربي الذي يمكن ان يغرق في ازمة اقتصادية حادة، ولكنه سيغرق ايضا اسرائيل في أزمة اقتصادية يمكن ان تكون قوية جدا، حيث ان قراره بفتح الاقتصاد و تجاهله لموجات الوباء المستقبلية، جاء لمنع انهيار الاقتصادي الكبير القادم علينا، بحيث يمكن ان يصل عدد العاطلين عن العمل، الى حوالي مليون و متين الف شخص، وإنهيار قطاعات واسعة بالكامل كالسياحة، والاستثمار، الاستيراد و التصدير والفقر الذي سيسود النظام الدولي ما بعد عصر الكورونا .


ولا نعرف كيف سيحاول نتنياهو في ظل هذا الضعف الاقتصادي البنيوي التحرك سياسيا باتجاه القضية الفلسطينية و خاصة في مواجهة مسألة الضم و تجميد علاقاته الاقتصادية مع الصين بعد طلب مباشر من الادارة الاميريكية الذي يمكن ان يكلفة إضافة الى أضرار الكورونا مزيدا من المليارات .

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة