الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 24 / نوفمبر 11:01

من ذاكرة حزيران...!/ بقلم: عبد السلام العابد

عبد السلام العابد
نُشر: 09/06/20 07:40,  حُتلن: 10:12

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

• ..... وقال عادل: صباح يوم الإثنين الخامس من حزيران ، كنت أقرأ دروسي في مدخل مدينة جنين الغربي؛ استعداداً لامتحان المترك .رأيتُ حركةً غيرَ معتادة ، وتحليقاً للطائرات، فتوجهتُ مسرعاً نحو بيتي في المدينة التي نسكنها ؛بسبب عمل والدي هناك .قلتُ لأمّي : اشتعَلتْ الحرب ، وعلينا أنْ نذهب إلى قريتنا بسرعة، قبل أنْ تتعرض المدينة للحصار .قالت : أنا لن أخرج ،سأنتظر أباك ، أمّا أنت فخذ إخوتك الصغار، وتوجَّه بهم نحو القرية وبسرعة . وعندما يحضر أبوك ، سنأتي معاً على جناح السرعة .

اصطحبتُ إخوتي الصغار ، وانطلقنا من المدينة، مشياً على الأقدام، حتى وصلنا إلى بيتنا ، وانضممنا إلى أقاربنا الذين تجمعوا في مغارة تحت البيت .
جاء عمّي وقال : هذه المغارة غير آمنة ، وهي قريبة من الطريق ، وأنا كنتُ أسمع أصواتكم ، اتركوا هذا المكان ، وتعالوْا إلى مكان آخر . خرجنا مع عمّنا الذي أدخلنا في مغارة أخرى. كان الرجالُ الكبارُ يخرجون في بعض لحظات الهدوء، ويطلبون منا نحن الأطفال التسلل إلى بيوتنا القريبة، وإحضار الماء والطعام .كنتُ، وبسبب الخوف والرعب، أشعر أن المسافة بعيدة جداً، مع أنها لا تبعد أمتاراً عدة .
طوال عدة أيام، كنت قلقاً على أبي وأمي في المدينة ، وكان عليّ أن أطمئن عليهما ، وأن أتسلل إلى بيتنا في جنين ، مهما كانت الصعوبات . قلت لصديقي : ما رأيك بالتسلل إلى المدينة؛ للاطمئنان على الوالديْن ؟ . أجاب : سأرافقك، وأطمئن أيضاً أنا على أخي الذي كان يعمل في المدينة، ولم يعد حتى الآن. لم نكن نقدّر حجم الصعوبات والمخاطر، فقد كنا في الخامسة عشرة من العمر . انطلقنا من القرية، قبل بزوغ الشمس ، ومشينا شرقاً عبر جبال القرية وهضابها . كان الهدوءُ شاملاً، لا وجود للرعاة وأغنامهم ، ولا أحد موجود هناك .ولم نكن نسمع إلا صريرَ الجنادب ، وأصوات أقدامنا تدبّ بين الحجارة والأشواك ، وهي تقفز من سلسلة إلى أخرى . وصلنا مشارف المدينة ، فلمحنا دبابات المحتلين . وانتظرنا حتى تحركتْ وتابعنا سيرنا . كانت جنينُ تحت منع التجول ، ورأينا الغزاة ، وهم ينتشرون ، وأردنا أن نقطع آخر شارع ، ولكننا فوجئنا بالجنود ، فدخلنا أحد البيوت ،ورحّب بنا أهل البيت . وقالوا : انتظرا؛ حتى يبتعد الجنود، وواصلا سيركما بعد ذلك .
ودّعنا الأسرة الكريمة ، وتسلّلنا بسرعة نحو بيتنا . فوجدنا الوالد والوالدة وابن عمي هناك . حمدنا الله على سلامتهم ، وانتظرنا فرصة إعلان رفع حالة منع التجول ، وانطلقنا مسرعين نحو القرية .

ـــ من مخطوطة كتاب ( حربٌ... وطفولة ) الذي لم يُنشرْ بعد للكاتب

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة