الأخبار العاجلة

Loading...
السفير الأميركي يكشف آلية جديدة لإدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بعيدًا عن سيطرة حماس (قبل 2 ساعة )آلاف في "مؤتمر السلام الشعبي" في القدس: صوت واضح ضد الحرب ومن أجل حل سياسي (قبل 27 دقيقة )المتابعة العليا: قرارات الحكومة بتوسيع الحرب مؤشر لارتكاب جرائم أشد في حرب الإبادة (قبل 1 دقيقة)لواء حيفا والجليل الغربي الأكبر بين ألوية كلاليت يُتوَّج للسنة الثانية على التوالي كلواء متميّز على مستوى الدولة (قبل 23 دقيقة )حملة أمنية في الرملة ضد الجريمة والعنف في المجتمع العربي: العثور على مسدس "غلوك" واعتقال شاب (22 عامًا) من المدينة (قبل 24 دقيقة )إصابة 4 أشخاص أحدهم بحالة متوسطة إثر تعرضهم لحادث طرق على شارع 77 بالقرب من مفرق الزرازير (قبل 45 دقيقة )توقعات الأبراج اليوم الجمعة 9 مايو 2025: تحرّك بنشاط ولا تؤجل ما يمكنك إنجازه (قبل 1 ساعة)لائحة اتهام ضد شاب (29 عامًا) من كفرقاسم بتهمة الانتماء لتنظيم داعش (قبل 2 ساعة )شجار عنيف داخل مدرسة في القدس الشرقية.. إصابة المدير وأعضاء من الطاقم التعليمي واعتقال 3 مشتبهين (قبل 3 ساعة )بين ضغوط عربية وتحفظات إسرائيلية - خطة أميركية لإنهاء الحرب في غزة تشمل إعادة الإعمار (قبل 3 ساعة )كفركنا: انتقلت إلى رحمة الله تعالى الحاجة صبحية محمود ملحم (أم علاء) (قبل 4 ساعة )قفزة في أسعار جرام الذهب والسبائك مع نهاية الأسبوع (قبل 4 ساعة )الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جنديين من وحدتي الهندسة وغولاني في معارك جنوب القطاع (قبل 5 ساعة )حالة الطقس: أجواء خماسينية حارة ويطرأ ارتفاع طفيف على درجات الحرارة (قبل 5 ساعة )إعلام: ترامب يفقد صبره من نتنياهو وقرر قطع العلاقات معه (قبل 13 ساعة )الطيبة: إصابة شاب (18 عامًا) إثر تعرضه لإطلاق نار (قبل 14 ساعة )يافا: إصابة شاب بجروح متوسطة إثر تعرضه لإطلاق نار (قبل 15 ساعة )انتخاب الكاردينال الأمريكي روبرت بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان (قبل 16 ساعة )إكسال: إصابة شاب (19 عامًا) بجروح متوسطة بحادث بين دراجة نارية وسيارة (قبل 16 ساعة )عين حوض: إصابة طفل (13 عامًا) بجروح خطيرة واثنين بجروح طفيفة بحادث تراكتورون (قبل 16 ساعة )تصاعد الدخان الأبيض من الفاتيكان فى إشارة إلى اختيار البابا الجديد (قبل 17 ساعة ) سلسلة غارات إسرائيليّة استهدف الجنوب اللبناني (قبل 18 ساعة )النقب: مصرع عامل إثر سقوطه عن ارتفاع (قبل 18 ساعة )إصابة شاب إثر حادث طرق بمنطقة المركز (قبل 20 ساعة )أم الفحم: اختتام مسابقة الخطابة بالمدرسة الأهلية (قبل 20 ساعة )وادي عارة: مصادر 25 مركبة لأصحاب ديون ضريبية (قبل 20 ساعة )تعليق عمل رئيس مجلس محلي طوبا الزنغرية (قبل 22 ساعة ) العطاونة: علينا حماية النسيج الاجتماعي برهط (قبل 23 ساعة )جمعية المنارة تحتفل بتدشين "بيت المنارة" (قبل 23 ساعة )كاتس يتوعّد إيران والحوثيين: إسرائيل سترد بقوة على أي تهديد (قبل 1 يوم)

الموريتانيّة، المعلومة بنت الميداح، لؤلؤة الصّحراء المالحة في بيت الثّقافة، بيت ياسين/ رجاء بكريّة

رجاء بكريّة
نُشر: 12/09/20 14:49

".. وسرّها أنّها كمصباح علاء الدّين السّحري، ففي كلّ تلميع خفيف لذاكرتها ينحسر دفء صوتها وبريّتهِ معا. فما يعجبك لديها ليس التساوق بقدر الإختلاف، ليس السّلام بقدر الإقتتال، ليست الألفة بقدر التّغريب، وليست مسارات الجداول بقدر تسلقات الجبال. كلّما لمّعْتَ زُجاجها بخِرقةِ لهفتِكَ فاجأتْكَ بسفَرِها. نعم هي امرأة لا تتوقّف عن السّفر في صوتها، هذا ما يعجبني في النّساء والأصوات، بريّتها، وغابويّة سلوكها الفنيّ الحرّ الشّامخ.."

"بيت ياسين" مرّة أخرى.
ليس بمذاق الغزل هذه المرّة، فزمن الغزل بيننا انتهى. بل بمذاق العسل، عسل الرّوح الّتي ترشح شوقا كلّما استزادت من دفء جدرانه، وديكورهِ. لهفتهِ وكلامهِ، فالبيت كلّه مشروع دفء عامر بالمذاقات. مذاق اللّهفة، ولسعُ النُّكتة. مذاق البسمة وسخاء الدّمعة وكثير كثير لحن، وصوت، وسفر وغنااء. غناء النّوادر الّذي لا نجيد العثور عليه في أيّ بيت ولدى أيّ مُحاور. هاجس البحث العاشق في رأسه يلوّن حقول المخيّلة على نحو لن يتوقّعه ياسين عدنان نفسه، وربّما لأجل هذا لا أتوقّف عن تدوين يوميّات ذاكرتي كلّما تصافحنا أو اختلفنا عبر دهشة جديدة. فإلى جانب العدد الزّخم من الأصوات والكلماات، الوجوه والمؤلّفات تهاجم عالمك أصوات بالغة الإثارة، بالغة الغرابة. تستفزّ صحاريها القاحلة كلّ ما نسيته راقدا فيكَ، عازفا في أيّام كهذه حارّة قاتلة نهمة في استنزافكَ. وتتساءل على انتشاء، هل يمكن للصّحاري أن تلد كلّ هذا الخصب العجيب الّذي تفتّح في صوتها المعلومة بنت الميداح، لؤلؤة الصّحراء المالحة؟
قد أكون عبرتُ خلجات صوتها صدفة لكنّي حتما لم أتوقّف عندها كما فعلتُ ليلة حوارها الماتع في بيت ياسين. كنت أسمّيها اللّؤلؤة البرونزيّة، وسرّها أنّها كمصباح علاء الدّين السّحري، ففي كلّ تلميع خفيف لذاكرتها ينحسر دفء صوتها وبريّتهِ معا. فما يعجبك لديها ليس التساوق بقدر الإختلاف، ليس السّلام بقدر الإقتتال، ليست الألفة بقدر التّغريب، وليست مسارات الجداول بقدر تسلقات الجبال. كلّما لمّعْتَ زُجاجها بخِرقةِ لهفتِكَ فاجأتْكَ بسفَرِها. نعم هي امرأة لا تتوقّف عن السّفر في صوتها، هذا ما يعجبني في النّساء والأصوات، بريّتها، وغابويّة سلوكها الفنيّ الشّامخ الحرّ. وأنّها لا تخاف تبعات المغامرة في نزق الحالة الّتي تأخذها. اعتادت أن تغامر بحوّاسها كلّها العين والقلب، الأصابع والصّوت. ترسمُ لحظة شَغِفة لحالة التبعثر، وانتبهوا لا يمكن لأحد أن يلمّها غير صوتها.

هكذا تقول..
عَشِقنا، فيا ليلُ بُثَّ الخبَر| وبوحي نجومُ، وقُل يا قمَر
وإن يسألوا فلدينا وتَر| عشِقنا عشِقنا عشِقنا لأنّا بَشَر..

على ورق كربون سريّ تكتب كلماتها، بالأبيض والأسود. متشبّثة بلونها الإفريقيّ. تغنّي بالعربيّة لكن بلحنِ تُربتها السّوداء أو البرونزيّة. والغريب أنّها لا تجيدُ سلوكَ التّباهي ولو فعلت احمرّت ملابسها خجلا. ذات الورق الكربونيّ الّذي استعملناه ذات يوم لنسخِ وجوهنا وسرقةِ صوَرِنا المُستعارة تكتبه بوجه وجد واحد. لا يُعادُ أو يُستعاد لأنّه في كلّ مرّة صورة جديدة عن واقعها وتربة بلادها، تنشره ومضات بَرقٍ في صوتها، واختيار كلمات أغنياتها. لديها مفردات تخصّها لا تنحدر إلى الكلمات المستهلكة في الحبّ العابر، "عيونِك، وكتفك، وخصرك ونهدك". معجمها الغنائيّ راق تقطفه عن شجر الكرز العالي. دوما تساءلت كيف يكتبون الأغاني الّتي تضرِب" في رؤوس النّاس فاتّضح أنّها مفردات الغريزة والشّهوة، ومع هذا النّوع من (الضّرب) الغريزيّ تمتلك اللّغة نوعا آخر من (الضّرْب) نَبعُهُ رقيّ الرّوح، كمفرداتها. كأنّك في قطار عابر للمواسم، يَفتحُ لك نوافذهُ بحركة خفيّة ويُشنِّفُ أذنيك بحداءات بريّة لا تعرف كيف وصلت إليك. هذا النّوع من الأصوات، غالبا، خارج تقويم السّنة وأرقامها. لا أعني أنّه معاقَبا، بقدر ما هو معافى من السّطور المستقيمة، متماهيّا مع فوضى حواسّهِ ومدادهِ .

وإذا كنتُ أسوق هذا النّموج الغنائي الفريد اليوم، فلكي أحدّد أنّ جماليّات الألوان الموسيقيّة كثيرة ومصادر فتنتها كذلك، وأنّها حتما تخضع لخيارات الفنّان ذاته. هو من يحدّد ماذا يجوز وماذا لا يجوز، وكيف يقدّم الحالة الإستثنائيّة لجمهورهِ. لقد عوّد الطّرب الشّرقيّ جمهوره على التّحديق مليّا بجسد المرأة ومفاتنها، إمعانا في شراهة التلقّي وليس مُتعتهِ. حتّى أنّنا نعثر على كلمات القضم والنّتش في كثير من أغاني المطربين. أصرّ على المطربين للتّمييز بين فعلِ الطّرب والغناء، وربّما لون الطّرب هو ما أوصلنا لحالة التسيّب العاطفي، والأغنية الشّوارعيّة السّائبة، الّتي يضرب الشبّان بعضهم بعضا بها حدّ إغلاق الشّوارع بحُمّى إيقاعاتها والتّلاحم بالأيدي إمعانا في إسعاف زئبق الإنفعال، وحرارة اللّحظة. لا أميل إلى الجزم، ولكنّ ما أعرفهُ أنّ هذه الأنواع من الكلمات السّافرة في أغانينا، الّتي لا تُسمَع خارج ال (فُل فوليوم) لا يمكن تصوّرها خارج حلقات الدّبكة والرّقص الفالت من عقاله، انفعالا وممارسة. كأنّ إثبات متعتنا تستدعي الصّراخ المبالغ به. هنا تماما، عند هذا المنعطف حدثت عمليّة التّخريب الممتاز للذّائقة الفنيّة الشّرقيّة ولدى جمهور كنّا نعوّل عليه، جيل الشّباب تحديدا. وهكذا بدلَ أن ندفع أسلوب استساغته للكلمة إلى الرقيّ شجّعناهُ على الإمتلاء بغرائزه وحشدها بانفعالات شاذّة في طريقهِ إلى المتعة الكاذبة. وبدل أن ننتقي المفردة الرّوحيّة العالية لتهذيب فعل التلقّي، أخذ المغنّون دورنا كمجتمعات حريصة، ودشّنوا ألحانهم بالمفردات الجسديّة الفاضحة، الأمر الّذي أخرج فنّ الغناء الطربيّ في أحايين كثيرة من سياق الحضارة، فدعسنا عليهِ بدل أن ندفعه، وهزمناه بدل أن نحتفي به. طبعا لا يمكن أن نقارن بين كلاسيكيّات الفنّ العربي الّذي تأصّل عند جيل مؤسّسيه العريقين وبين ما يؤدّى ويُوزّع من هذر موسيقي انفعالي عند الجيل الجديد.
يحدث كلّ ذلك بوتيرة مُبرمجة، كأنّنا نؤسّس لمشروع هزيمتنا الثّانية في حضارتنا الفنيّة بعد أن أثبتنا على الخارطة أنّنا خارج التّاريخ وخطوط الجغرافيا.
لقد خرج صوت معلومة بنت الميداح في جولتهِ الغنائيّة كي يذكّر الضّمير الحضاري وذاكرته الاستثنائيّة أنّ مدارس الغناء وحضارتها ليست بعيدة عن ثقافتنا الرّوحيّة الّتي عزلناها بفنّ عن غرائزنا وتركناها حبيسة تراجعها.
ولا بدّ لي وأنا أستعيد حنجرة بنت الميداح الرّخيمة العالية أن أستذكر بعض الأسماء الغنائيّة الّتي هبَشَت من تقنيّاتها بصمت بالغ، على اعتبار أنّها ابتكارها الذّاتي والنّوعي في تفتيح الصّوت. إنّ التّناغم والتّصادم الفوضوي بين النّبرات العالية والمنخفضة لدى فنّانين في الدّاخل الفلسطيني قد أفادت من تجربة هذا الصّوت الأصيل المتواضع على نحو فاتن. ولن أنسى أن أذيّل ثقافته بالمعرفة، والتخصّص، فهي تتبنّى ألحان البلوز ذات العلاقة الوثيقة بالمدرسة الصّوفيّة المنتشرة غالبا في غرب إفريقيا، الآتية تحديدا من الشّرق الأوسط. ولو أنّا استعدنا قليلا نغمات الصّوت المتَراجِعَة والصّاعدة لديها في تفنين النّغم سنفهم تجربتها. فالبلوز تعني حرفيّا، الإنزلاقة والإنتقال الممتدّ والمتّصل من نوتة إلى أخرى عبر إدخال نوتات وسيطة بأسلوب متّصل ومتدرّج. هكذا نصنّعُ الإختلاف من مصادرهِ الأوّليّة، التّلقائيّة الخاام، ونصبغ نوتات الوقت بالمتعة. راقني أن أضمّ عالما إلى عوالمي زخِما فِطريّا، يدَوزِنُ النّغم على وترِ النّشوة..

10 سبتمبر، 2020، حيفا 

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة