لا يمكن تحقيق التطور والتغيير النوعي والجذري في المجتمع، إلا إذا آمنا بالتعددية الفكرية وثقافة الاختلاف واحترام حرية الرأي والتفكير الحر، وحسم الخلافات بالحوار الحضاري المعمق بين جميع التشكيلات والتوجهات والانتماءات الحزبية المختلفة.
فالحوار ضرورة مجتمعية وهو الأساس في بناء مجتمعات مدنية عصرية حضارية متطورة. فلتتصارع كل الآراء والأفكار ووجهات النظر حول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية، وليتنافس المتنافسون، بالاحترام المتبادل، والأسلوب الحضاري العصري الواعي، بعيدًا عن العنف والصراخ والشتائم والبذاءات، لأجل المصلحة العامة ودفاعًا عن قضايانا اليومية والمصيرية.
لقد أشار عالم الاجتماعي ابن خلدون إلى اهمية الحوار وقال : " إن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يمكن أن يعيش بمعزل عن الجماعة، حتى لو كانت كل ادوات الراحة متوفرة له، فترسيخ ثقافة الحار لا تتأتى بين عشية وضحاها وإنما تبنى على كافة مستويات المجتمع بدءًا من الأسرة والمؤسسات التعليمية، ثم المؤسسات الاعلامية، بل وان الساسة لهم دور كبير بالمثل في بناء مجتمع حضاري يتحلى أفراده بثقافة الحوار".
ولكي نقضي على العنف ونبني نهضة جديرة بنا كشعب متحضر، فيجب التعاون لأجل تأسيس مجتمع مدني متنور يحترم قيم الحوار والرأي الآخر، وبناء مؤسسات مدنية قادرة على حسم واحتواء الخلافات، وقطع دابر الفتنة قبل أن تحرق الأخضر واليابس.