الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 08:01

ماكرون والاسلام وحملة حبيبي يا رسول الله/ بقلم: د. رائف حسين‎

د. رائف حسين‎
نُشر: 27/10/20 13:11,  حُتلن: 15:39

احترام الخطوط الحمراء، الاثنيه والدينية والاخلاقيه والاجندية، للاخر هو صفة يتميز بها رفيعي المستوى واصحاب الاخلاق العالية

التحريف الاكبر للدين الاسلامي الحنيف والتجريح الابشع لشخصية النبي محمد قام به بداية وما زالوا يقومون به مسلمون …

- الكاتب والمحلل والمفكر الاستراتيجي د. رائف حسين 

التعددية والليبرالية وحرية التعبير عن الرأي ليست مصطلحات مطلقه بعيدة عن التقييم والتمحيص وهي ليست صك غفران للتطاول على الاخرين… كثيراً ما كانت هذه الشعارات النبيلة وعبر التاريخ ، وما زالت، ورقة توت لاعمال واقوال مشينة لاصحابها ومروجيها. لكن هذه الحقيقة لا يمكن ان تفتح الباب على مصراعيه لندين كل تصريح وكل وجهة نظر يصنفوا وفق هذه المصطلحات.

احترام الخطوط الحمراء، الاثنيه والدينية والاخلاقيه والاجندية، للاخر هو صفة يتميز بها رفيعي المستوى واصحاب الاخلاق العالية… احترام خصوصيات الاخر هي اولا خصلة نابعة من احترام الذات وهي الخط الفاصل بين حرية الرأي والتطاول على الاخر.
الرئيس الفرنسي ماكرون ليست الشخصية التي يمكن لاي انسان واقعي مستقل محب للبشرية والحرية والديمقراطية ان يدافع عنه دون قيد او شرط … اذ انه هو الرئيس الذي يحلم باعادة عصر فرنسا الاستعماري كما اوضح في زياراته الاخيرة للشرق الاوسط وهو الرئيس الذي فشل في سياسته الداخلية للوصول الى سلم اجتماعي بين اهل البلد الاصليين وهؤلاء الذين اتو من مستعمرات سابقة لفرنسا وخصوصا المسلمون من شمال افريقيا وهو الرئيس الفرنسي الاول الذي يتصرف وكأنه قائم مقام الولايات المتحدة الامريكية بالشرق وهو السياسي الفاشل في مجالات عديدة خارجية وداخليه الخ… لكن تصريحاته بعد العمل الاجرامي في باريس الذي قام به شاب ارهابي متأسلم من الشيشان كانت في مجملها اقوال يدلي به كل منتقد صريح صادق حول توظيف الدين، اي دين، لاهداف سياسية او اجتماعيه-سياسيه … بعض الجمل من خطابه كانت وبحق لها واقع ثقيل جدا على مسمع بعض المسلمين وتركت اثراً وكأن ماكرون يتطاول على الدين الاسلامي وعلى الرسول الاعظم بحجة حرية التعبير عن الرأي والطابع الليبرالي العلماني للمجتمع الذي يعيش به.
بعد الاطلاع على الترجمة الحرفيه لخطاب ماكرون، قام بها صديق مغربي محاضر في جامعة السوربون، تبين لي ان الحساسية المبالغة التي عبر عنها بعض المسلمون نابعة اولا عن ترجمة محرفة في معظم وسائل الاعلام العربيه والاسلامية وثانياً هي محاولة لهؤلاء للتهرب من واقع داقع للمسلمين اصبح يشكل خطر على الدين الاسلامي اولا والمجتمع الاسلامي ثانيا وعليهم اولا مجابهة هذا الواقع قبل ان يشيروا باصبع الاتهام على احد بحجة التجريح بالرسول العظيم ودينه .

التحريف الاكبر للدين الاسلامي الحنيف والتجريح الابشع لشخصية النبي محمد قام به بداية وما زالوا يقومون به مسلمون …
الم يقوموا هؤلاء من امثال البخاري وابن تيمية بنسب اقوال للرسول الاعظم تتعارض مع التنزيل الحكيم؟ الم يقوموا هؤلاء الذين يسمون انفسهم كاتبي الاحاديث بتجميع كلام نسبوه للنبي محمد رغم انه منع ان تكتب اقواله لكي لا يساء فهمها واستعمالها كما يحصل اليوم؟ الم يتم تزوير التنزيل المقدس على يد من يدعوا انهم فقهاء بخلق الناسخ والمنسوخ والتعامل مع التنزيل الحكيم على انه كلام لشاعر وليس كلام الله الذي يعني به كل حرف وكل كلمه اتت بالتنزيل الحكيم؟
وتجد هؤلاء الفقهاء وقد أنشأوا خصومة مع كل آيات السلم الاجتماعي والتسامج الواردة بكتاب الله وهو المنهج الذي وضع له الفقهاء قاعدة أن آية السيف نسخت وطمست كل آيات السلم الاجتماعي بالقرآن.
الم يقم الازهر وما زال، بالتعليم في مناهجه ان تارك الصلاة يجوز قتله؟ ويحق للرجل ان لا يدفع ثمن علاج امرأته؟
الم يقم شيوخ الاسلام في ايامنا باصدار فتاوى من نكاح الجهاد وزواج القاصرة وارضاع الكبير وتحقير الديانات السماوية الاخرى؟
الم يصف المسلمون وشيوخهم اليهود بابناء القرده والمسيحيون بالنجساء؟ ودنسوا بهذا الرسالة المحمدية المسالمة التي تحترم كل الاديان؟
رسالة "حبيبي يا رسول الله" وامثالها التي ملأت صفحات التواصل الاجتماعي كانت بالبداية تعبير ان امتعاض سببه فهم وتعليل خاطئين لكلام سياسي فاشل لكنها تحولت الى خطاب شعبوي وسلم للمتسلقين … لا الرسول الاعظم بضعيف ولا رسالته المسالمة الانسانيه بمأزق ليعبر البعض عن مناصرتهم لهما… فكفى شعبوية وتوظيف.
اين كانوا هؤلاء القلقون على الرسول ودينه الحنيف عندما فجروا مسلمون الكنائس في مصر وسوريا وفلسطين ؟ واين كانوا عندما قام مسلمون بمجازر للازيديين وقتل الابرياء ؟ اين كان صوت هؤلاء عندما قتل مسلمون مسلمين اخرون وهم بالجامع كما حصل في سيناء ؟ اين هؤلاء الحريصون الى الدين الاسلامي عندما يأتي الشيوخ وأئمة المساجد كل يوم جمعه بتلفيق القصص الخياليه عن الرسول والصحابه؟
نحن نعيش اليوم في اسلام الفقهاء البعيد جدا عن اسلام السماء … من اراد مناصرة الرسول الاعظم وصيانة دينه الحنيف من التزوير عليه اولا ان يقف امام تزوير المسلمون للاسلام وعلية ان ينبذ توظيف الدين لاهداف فئوية وشخصية.
خذوا في كلام سيدنا المسيح عليه السلام :
لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة