الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 01:02

زواج الاقارب يسبب مرض البومبة

حسام حرب
نُشر: 18/05/06 13:38

مرض "بومبة" هو مرض وراثي نادر يصيب العضلات، يسببه نقص خلقي في ظهور مادة الخمائر-الإنزيمات، التي تفكك جزيئات السكر المركبة (جليكوجين) ونتيجة لذلك يتراكم الجليكوجين غير المفكك ليعيق من نشاط العضلات السليم، وينتج المرض عن زواج الأقارب.
في إسرائيل هناك 8 عائلات مصابة بالمرض، وجميعها من العرب المسلمين والدروز. 50% من هذه العائلات هي من قرية المغار. وهناك عائلات عربية أخرى لديها أطفال مصابين بالمرض ولكنها لا تعلم الأطباء بذلك، اضافة لذلك فهناك أطباء كثر لا يملكون معلومات عن المرض، والذي يعتبر من "الامراض اليتيمة" لقلة المصابين به. 
مؤخرا صادقت اللجنة الطبية الأوروبية وFDA على دواء يعرف باسم مايوزييم (MAYOZYME ) وهو علاج أنزيمي بديل، وهو الحل الوحيد لمرضى البومبة والذي يبقيهم على قيد الحياة. الشركة المنتجة للدواء (جنزييم) هي التي تمول التكاليف، حاليا. الشركة مجبرة على الاستمرار في تزويد الدواء للمريض على الرغم من التجارب التي بينت مدى فائدة الدواء.
وبسبب قلة عدد المرضى في العالم فان شركات الأدوية لا تنتج مثل هذا الدواء لان "الأرباح الاقتصادية" قليلة. ويحتاج تطوير العلاج الطبي الجديد إلى تكاليف باهظة، وفقط الأطراف الخارجية تستطيع تمويل تكاليف العلاج. هذا الدواء لم يدخل بعد في "سلة الأدوية" المصادق عليها من قبل الكنيست، رقم انه الدواء الوحيد الذي يمنع موت مرضى "البومبة" ويستطيع إبقائهم على قيد الحياة.
قرية المغار فيها حوالي 50% من مرضى "البومبة" في البلاد. وفي أربع عائلات هناك خمسة مرضى، هذه العائلات فقدت، حتى الان، تسعة أطفال رضع: عائلة الشيخ حسن غانم (57 عاما) فقدت ستة أطفال، عائلة السيد سليم غانم فقدت ولدين، وهناك طفلان آخران مصابين بالمرض، وعائلة وسام غانم لديها طفل مصاب، وعائلة السيد سمير صلاح الدين فقدت طفلا وهناك طفل أخر مصاب بالمرض، الشيخ حسن غانم متزوج من شقيقة سمير صلاح الدين، سليم غانم متزوج من ابنة خاله، والتي هي في ذات الوقت ابنة عمه، سمير صلاح الدين متزوج من ابنة خاله، حسام غانم متزوج من ابنة عمه وفي نفس الوقت ابنة خاله، الشيخ حسن غانم والذي فقد ستة من أبناءه قال: "انا أول شخص أصيب بالمرض، كان ذلك عام1975، ابنتي الأولى توفيت بعد 3 أشهر من ولادتها، كذلك الابنة الثانية توفيت بعد نفس المدة. في البداية لم يعرف الأطباء ما هو هذا المرض الذي يميت الأطفال في سن مبكرة لا يتعدى السنة الواحدة. الابنة الثالثة عرضت على الفحوصات وتبين أنها تعاني من مشاكل ولكنها توفيت أيضا، الابنة الرابعة عانت من نفس عوارض المرض، في حينه قالوا لي أن هنالك بروفيسور واحد ووحيد في مستشفى بئر السبع متخصص في هذا المرض، بعد الفحوصات التي أجرتها ابنتي الخامسة تبين أنها تشكومن مرض البومبة، ولكن في حينه لم يكتشفوا بعد الدواء فتوفيت هي أيضا، بعدها كان الابن الخامس والذي عاش اقل من سنة وتوفي، كذا الحال بالنسبة للابنة السادسة والتي توفيت أيضا بسبب عدم توفر الدواء، فقدت خمس بنات وابن".

السيد سليم غانم والذي فقد طفلان (محمود وأمير) بعد نصف عام من ولادتهما قال لي: "توفي طفلَي محمود وأمير، واليوم لدي طفلان مصابان بنفس المرض ماهر ونوار. إذا لم يتلقوا الدواء المتوفر اليوم فأنهما سيلقيان نفس مصير أبنائي السابقين، نطالب المسئولين التحرك وشمل الدواء في "سلة الأدوية" وإلا فان حكم الإعدام الذي فرض على ابني سينفذ!!!


عائلة سليم غانم الأب سليم الابنة نوار والابن ماهر

مرض البومبة، هو مرض وراثي يسبب ضمورا في العضلات، المرض يصيب الأطفال ويؤدي إلى انخفاض في وتيرة العضلات ويصعب على الأطفال المصابين الحركة فيضطرون إلى استعمال آلة التنفس الاصطناعي بسبب الاضرار التي تلحق بالعضلات الداعمة للإعمال الضرورية للجسم. على الأغلب يموت الأطفال المصابين بالمرض قبل بلوغهم السنة الواحدة من عمرهم بسبب خلل في القلب وفي عملية التنفس، العوارض المميزة لمرض بومبة لدى الرضع هو ضعف العضلات المتطرف في كل الجسم، صعوبة في رفع الرأس والاطراف، تخلف في تطور الحركة، صعوبة التنفس وتلوثات متكررة في مجاري التنفس، إصابة القلب بالتضخم وتشويش عمله وتضخم اللسان.
اليوم يوجد علاج جديد للمرض، إن التشخيص والعلاج المبكر لهذا المرض من الممكن أن يمنع الموت في جيل صغير، "الجمعية الطبية للتطوير والتقدم الصحي" وفي يوم دراسي عقد في فندق البستان في عين الأسد استضافت البروفيسورة حانا مندل مديرة قسم الإمراض الوراثية في رمبام والتي تحدثت عن المرض الوراثي والدواء وفي حديث خاص بـ"كل العرب" قالت: "هناك العديد من العائلات التي لم تعلم بعد عن وجود المرض لدى أطفالها ولربما هم لا يعرفون أن هذه العوارض تعود لمرض البومبة، لهذا نطلب من كل عائلة تلمح مثل هذه العوارض أن تعرض طفلها على الفحوصات اللازمة خاصة بعد اكتشاف الدواء، هذا الدواء بحاجة إلى دعم المسئولين، وخاصة أعضاء الكنيست للعمل على شمل هذا الدواء ضمن "سلة الأدوية" وإلا فانه سيكتب على أولائك الأبرياء الموت الحتمي".
الطفل عامر سمير صلاح الدين مصاب بمرض البومبة، هذا الطفل حالفه الحظ وتم شمله في التجارب التي أجريت لفحص مدى نجاعة الدواء الذي اكتشف قبل ثلاثة أعوام، مرة كل أسبوعين يتلقى عامر جرعة الدواء، والد الطفل سمير قال لـ"كل العرب": منذ اللقاء الأول لاحظنا التحسن، شعرنا بذلك التحسن كما تشعر بتحسن الطفل الجائع عندما يتلقى الغذاء، شعرنا انه أكثر أمانا وثقة بنفسه، انه يريد التحرك أكثر أن يلعب أكثر أن يعمل أكثر، لديه الطاقة والقدرة والقوة لمجابهة العواقب والمطبات، مع الوقت تبدلت حالة الكآبة والضعف لدية بالبسمة والفرحة والابتسامة وحب اللعب مع الآخرين، بعد تلقيه الدواء لوحظ تحسن في عمل القلب، عضلة القلب أصبحت قوية أكثر، ولهذا - كوالدين - ومنذ اللحظة الأولى توقف تفكيرنا عن الموت وعن فقدان ابننا، حياتنا تغيرت كليا أتمنى ذلك للآخرين"  قال الوالد.


عامر صلاح الدين قبل العلاج


عامر صلاح الدين بعد العلاج

مرض البومبة والذي ينتج عن زواج الأقارب يطالبنا بالتفكير مليا بهذا النوع من الزواج القاتل، وزيادة الوعي للامراض الوراثية وأهمية إجراء الفحص الطبي اللازم قبل الزواج، البروفيسور حانا مندل توصي الشباب والصبايا العرب إجراء التحاليل والفحوصات اللازمة قبل الزواج كخطوة أولى لمكافحة الإمراض الوراثية، احد الاباء والذي فضل عدم ذكر اسمه قال لي: "الأهل يقولون للابن تزوج هذه اوتلك، تزوج ابنة عمك أو ابنة خالك، والذي سيتحمل المشكلة هو الابن وليس الأب الذي زوجه على هواه، فهو الذي سيعاني من ذلك الأمر ولهذا انصح الشباب والصبايا المقبلين على الزواج إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج، من الأمور المهمة أن الكثيرين من الأطباء لا يعرفون عن مرض البومبة، في إحدى المرات عرضت ابني المريض على طبيبة صندوق المرضى وقلت لها أن ابني يعاني من مرض البومبة، فاستغربت وقالت لي: "ما هو هذا المرض؟ انا لم اسمع عنه!!!"
الطفل عامر صلاح الدين والذي تعرض للعلاج عن طريق الدواء هو اكبر دليل على أهمية ذلك الدواء، عدم تلقي مرضى البومبه لهذا الدواء هو بمثابة الحكم على الأطفال الأبرياء بالإعدام شمل هذا الدواء ضمن "سلة الأدوية" سينقذ حياتهم، على المسئولين وصناع القرار وخاصة أعضاء الكنيست التحرك كي لا يكونوا مشتركين في تنفيذ حكم الموت على الأبرياء.

مقالات متعلقة