للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
الكاتب ديفيد غروسمان، تصوير: מיכאל ליונסטאר
إليكم، إلى مواطني دولة اسرائيل العرب، نساء ورجالًا من مختلف المعتقدات والآراء، إلى رجالات الجسم الممنوع دائماً، الشركاء في المواطنة، أتوجه لكم خصيصاً بهذه الأقوال.
مع الكثير من الإحباط والغضب تجاه التّجاهل وطمس الهوية الذي تُمارسه دولة اسرائيل ضد العرب منذ عقود من الزمن، وعلى الرّغم من اليأس بصدد تحسّن الوضع الرّاهن فأنا أطلب منكم وأقول لكم، تدفّقوا.. تدفّقوا إلى صناديق الاقتراع .
تدفّقوا إلى صناديق الاقتراع، هرولوا من أجل مُمارسة حقّكم بالانتخاب، لأنّ عدم التّصويت في الانتخابات الوشيكة يعني تقوية الاسرائيليين المعنيين بأن تشعروا بالغربة واللا انتماء. هؤلاء الذين ساهموا، من بين أمور كثيرة، بسنّ قانون القومية الذي أعدّ خصيصًا لإضعاف لُغتكم وهويتكم. وهم ذاتهم الذين يريدون لكم العيش هنا مع شعور دائم بالخوف. هؤلاء الطامحين لتجميد وضعكم في حالة من قلة الحيلة والهوان .
بالتّالي، من المهم أن تتدفّقوا نحو صناديق الاقتراع، إذ أنّه في الأيّام المظلمة التي نمرّ بها، الامتناع عن التّصويت يعني التّخلي عن إمكانية أن تُصبح دولة اسرائيل دولة مساواة وديموقراطية، ودولة لكُل مواطنيها، ما يعني أن تهوي اسرائيل نحو المزيد من التّعصّب والعنصرية، ونتيجة لذلك سيتضاءل احتمال التّوصّل إلى حلّ التّسوية بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.
وبكلمات أخرى، عدم التّصويت في الانتخابات قد يكون له تأثير سلبي كبير على استمرار الاحتلال وعلى حياة الفلسطينيين في الضّفة الغربية وغزة.
يعني عدم التّصويت في الانتخابات الوشيكة ، أيضًا الاعتراف بأنّ الأقليّة العربيّة في اسرائيل تفضّل التّمسّك بسلبيات ومخلّفات عام 48 والتي طال أمدها، إذ يتمّ التمسك بهذه المخلّفات كذريعة لعدم القيام بأي شيء، وعدم المطالبة بشكل قانوني وديمقراطي بالحقوق والواجبات الكاملة كمواطنين في الدّولة، عدم استخدام الأداة الأكثر أهمّية التي توفّرها الديموقراطية الاسرائيلية. وحتّى الاستمرار بالشّعور أكثر وأكثر بالعجز ولعب دور الضّحية.
في المقابلة الرّائدة التي أجراها النّائب أيمن عودة مع ناحوم برنياع ("يديعوت" 23.08.2019) عرف تشخيص الموقف الذي يميّز غالبية قيادات الجمهور العربي تحديدا بما يخصّ الشراكة الكاملة في الحياة الاسرائيلية والتي تقرّ أن هذا الجمهور الكبير في آخر المطاف يشكّل حركة احتجاجية وليس أكثر، الحركة التي امتنعت من أن تكون شريكة كاملة في بلورة الواقع التي تعيش فيه والتي بها يتم تحديد مصيرها.
عدم مشاركتكم في الانتخابات القريبة، والتي سيكون فيها كُل صوت مُهماً ومؤثّراً جداً ، يعني التّنازل عن الفرصة الوحيدة التي تملكها الأقليّة العربية في البلاد من أجل تحسين وضعها، والدّخول إلى الواقع الاسرائيلي ومركز اللعبة الدّيموقراطية. أمّا الذين يتخلّون عن هذه الفُرصة وعن مُشاركتهم في الانتخاب فهم يساهمون بتأجيل التّوصل لحلول الكثير من المشاكل المُلحّة التي يُعاني منها المُجتمع العربي على مدار سنوات عديدة، منها مشاكل التّخطيط والبناء والفشل في البنى التحتية، ومحاربة الجريمة، والعنف ضد المرأة، عدا عن مشاكل التجمعات القروية غير المُعترف بها وقصورات اتجاه كل من لا يتم عرضهم وتمثيلهم بالشكل اللائق .
وجب القول أنّه عدد الناخبين في المجتمع العربي هو ضعف عدد النّاخبين في مجتمع اليهود المتزمتين ، ورغم ذلك فإنّ الأحزاب المتطرّفة اليهودية (يهدوت هتوراه، وشاس) تمكّنوا من الحصول على 16 مقعدًا، في الانتخابات التي أجريت في نيسان الماضي مقابل الأحزاب العربيّة التي لم تحقق سوى 10 مقاعد.
تدفّقوا.. تدفّقوا!
من خلال الكثير من الطرق، المخفية والعلنيّة، تقوم دولة اسرائيل بتهميش المواطنين العرب وتسدّ الاحتمالات بوجههم ، وبالتّالي أيضًا بوجه نفسها، احتمال الاندماج وتحقيق القدرات على أن يصبح العربي مؤثّرًا ومُحرّكا مهمًّا للنّمو والتّطوّر. ومن الواضح أنّ الدّولة والكثير من مواطنيها اليهود غير مُستعدّين لهذا التّغيير العميق في الوعي. هذا هو الحال، إذ أنّ التّشويه السّائد حال من اندماج العرب بشكل مستمرّ وعلى مدار 7 عقود، ومن غير المُرجّح أن يتغيّر هذا الموقف الذي هو بالأساس يسعى لسلب العرب في اسرائيل الشّرعية كشركاء متساوين، والذي من الواضح أنّه لن يتغيّر في الوقت القريب. بالتّالي فالسّؤال اليوم يجب أن يُوجّه إليكم أنتم: إلى متى سيستمر العرب بتعاونهم –إما بامتناعهم أو بعدم الاكتراث- مع سياسات الدّولة التي بغالبيّتها وبطرق عديدة تتنازل عن 20% من مواطنيها.
وأنا أعلم أنّه يوجد لبعض العرب في اسرائيل، أحلام ورغبات قد أعتبرها أنا كإسرائيلي كابوسًا، ومن جانب آخر فقد تسرّبت بعض أحلام ورغبات اليهود الاسرائيليين إلى قلب العربي الاسرائيلي (وإلى قلبي أيضًا). فمن المُرجّح أنّ الأحلام والرّغبات للطّرفين تزداد مع ازدياد اليأس من حلّ النّزاع الاسرائيلي الفلسطيني، ومع ازدياد رغبات التّهديد المتبادل والشّك والحرمان والاستعباد.
لكن قبل الانجراف إلى هذا المكان الخطير، هل يمكننا تحقيق الأمل المشترك ، الذي ما زال هناك فرصة لتحقيقه؟ الأمل في العيش في مجتمع مدني وديموقراطي وعادل، حيث يتلقى الطفل العربي الاسرائيلي بالضّبط، أعني بالضّبط، ما يتلقّاه الطّفل اليهودي الاسرائيلي. حيث يكون لكل مواطن، عربيا كان أم يهوديًّا، مساواة تامّة من حيث الحقوق والواجبات.
"ان تكون عربيا في اسرائيل يعني أن تكون جُزءًا منها"، هكذا قالت لي امرأة عربية هذا الأسبوع، وأكملت: " أي أن تطرق باب منزلك مرارا وتكرارا، ليفتح مواربًة ثم يغلق من جديد ".
من اجل أن يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه، من أجل أن تكون الدولة لكم هي البيت، وأن يشعر كُل مواطن فيها بأنّه في بيته، يجب أن تتدفّقوا إلى صناديق الاقتراع، أصدقاء وشُركاء، وأنا سأشارك معكم.
ينشر المقال في موقع كل العرب تزامنا هذا اليوم باللغة العبرية في جريدة يديعوت أحرونوت