الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 01 / نوفمبر 00:01

ثلاث امسيات موسيقية خياليّة بقيادة المايسترو حبيب شحادة حنا/ ب. ناصر بصل

ب. ناصر بصل
نُشر: 03/01/19 15:16,  حُتلن: 08:27

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تواجد الابداع والابتكار منذ بداية الخليقة, فلكل شعب ابداعه ولكل امة ابتكاراتها وكان العباقرة العرب عبر التاريخ في مقدمة المبدعين في شتى مجالات الفن والادب والعلم. فالفنان المبدع، كالاديب المبدع وكالعالم المبدع، يبقى ابداعه حيّا خالدا الى الابد.

لكلّ فترة ابداعها ولكل زمان ابتكاره ويبقى الابداع خالدا يعيشه البشر ويتمتع بنعمته, ولكن عجلة الابداع لا تتوقف أبدا, فكلّ إبداع يتلوه إبداع, يبقى القديم على قِدمه واحترامه ويُعطي الحياة للابتكارات والتجديدات.
أبدع الشعراء الجاهليون في شعرهم وكذلك الامويون والعباسيون في زمانهم, بل وما زلنا نعيش هذه العبقرية الخالدة. ولكنّ طبيعة الانسان الحيّ – ألحيّ فعلا – هي التجديد, فجاء السيّاب وربّما نازك بمنظومة الشعر الحرّ كإبداع لزماننا. وكذلك الموسيقى. أبدع الموسيقيون العرب في كلّ زمان ومكان وما زلنا ايضا نعيش عبقريتهم الخالدة.
عشنا ونعيش ايضا عبقريّة الفنانين العرب من القرن الماضي والحالي, نتمتع بعبقريّة الحان عبد الوهاب, فريد الاطرش ورياض السنباطي, نتمتع بطرب غناء أم كلثوم وعبد المطّلب, نشعر بقمّة النشوة لسماع مواويل وديع الصّافي وعمالقة الطرب الشعبي اللبناني. نُسحر بشعورنا واحساسنا لسماع الفيروزيات كلّها, قديمها وجديدها – كل هذا على سبيل المثل فقط, فليس بقية الفنانين العباقرة بحاجة إلى أن أذكرهم. لذلك, هناك حاجة ماسّة ودائمة لإجراء عروض لهذه الإنتاجات الفنيّة الخالدة التي نعيشها وتملأ حياتنا بالسحر والخيال.
حضرت في السنوات الأخيرة عروضا فتيّة متنوّعة كثيرة نحن في أمسّ الحاجة اليها وكانت كلها محليّة. كانت كلّها ممتازة. لاحظت أنّ الخير والبشرى لمستقبل واعد ينبتان بيننا في الغناء والعزف والباليه والتمثيل.
كان اخر هذه العروض عرضا للفنان الموهوب المبدع ابن قرية الرّامة, المايسترو حبيب شحادة حنّا, في مدينة كرميئيل قبل أسبوع وهو واحد من ثلاثة. أعترف. إنّي ما زلت أعيش هذا العرض المتميّز, بل وأحسّ سحره, إلى هذه اللحظات التي أكتب بها هذه الكلمات المتواضعة.
لست فنّانا, ولكنّي شعرت تلك الليلة أنّي أتذوّق فنّا خاصّا, فنّا من نوع اخر, مفعما بالابتكار والابداع بكل محتوياته. شاهدت عازفين مهنيين قدّموا عزفهم بمهنيّة, بل وباحتراف متناه. ليس من السّهل جمع عازفين من حضارات فنيّة مختلفة, من فرنسا, من اسبانيا, من الجولان المحتلّ ومن مشارف جليلنا يعزفون بانسجام تامّ. يعزفون الحانا جديدة, إبداعا حقيقيا.
سمعت تلك الليلة صوتا مخمليّا هادئا, صوت المغتيّة المتميّزة رنا خوري (حيفا) التي اتحفت الحضور بغنائها المتألّق. ومثلها الشابّ الأنيق شادي دكور (ترشيحا), ألفنّان الذي قدّم غناءه بمهنيّة وأناقة, بصوت رقيق مؤثّر. والمهّم, أنّ غناءهما كان إبداعا حقيقيا وتجديدا كلمات ولحنا وعرضا. وهو اللازم وهو المطلوب.
وجدتني تلك الليلة في أمسيه إبداعيّة ساحرة أشرف عليها وقادها فنّان متألق ذو ثقافة موسيقيّة عالية. عرض فنّه بمهنيّة فائقة, تحكّم بمهارة في إحساس الحضور من خلال قيادته الحكيمة وعزفه المتألّق النقيّ. إنتقل اللحن من المؤلّف-الملحّن إلى العازف إلى الجمهور المستمع فسيطر الهدوء. كانت النشوة الحقيقيّة وكان السّحر سيّد الموقف.
إنّ الإبداع بالأدب هو كالإبداع بالفنّ وكلاهما كالإبداع بالعلم وهو اللازم وهو المطلوب, الإبداع. شعرت أنّنا بخير ولدينا الطاقات الشّامخة.
أهنّئ المايسترو المبدع حبيب شحادة حنّا على هذا الانتاج المشرّف وننتظر ابداعات جديدة منه.

 كفرياسيف

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net     

مقالات متعلقة