الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 01 / نوفمبر 01:01

إنجازات ونرجسيّة مفرطة: هويّة الرئيس العربي المنتظر/ بقلم: د.كمال موعد

كل العرب
نُشر: 27/11/13 12:29,  حُتلن: 08:27

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

د. كمال موعد في مقاله:

مجرد وجود مثل هؤلاء الرواة المتحمسين المعجبين الى ابعد الحدود بمجرد إقامة مدرسة وتعبيد شارع وجمع قمامة لهو خير دليل على ان اوضاعنا كمجتمع بحاجة الى مراجعة فوريّة ناقدة

 ثقافة التطبيل والتزمير لمثل هؤلاء الرؤساء الفاشلين أو فلنقل غير المنجزين بهدف تسويقهم وتحويلهم الى "خامات نادرة وعقول فذّة" ينبغي عدم التفريط بها قد تراكمت وجلبت على مجتمعنا الويلات

الرئيس الناجح هو ذلك الذي يحيي الامل في نفوس الشباب بمستقبل افضل ويجعلهم يفخرون بأنهم ينتمون الى مجتمعهم والى بلداتهم التي يعيشون بها ولا يحلمون كل لحظة بالهرب منها زهقا ومللا وجوعا وغضبا 

انتهت الانتخابات لرئاسة السلطات المحلية العربية، فشل من فشل وافلح من افلح وبدأت مرحلة التعليق والتحليل. من المحللين من يبغي تفسير وتبرير النجاح ومنهم من يحاول جاهدا تفسير الفشل . ان المراقب والمتابع لهذه السجالات التي تبرّر وتفسر وتحلّل سيصل لا محالة الى استنتاج وهو ان مقاييس ومعايير نجاح او فشل رئيس سلطة محلية عربية قد تعرضت الى تشويه وتسطيح لا يطاق. فعندما يحاول احدهم اقناعك بنجاح رئيس يدعمه ويدعو له بطول العمر، فانه يسرد على مسامعك انجازات عظيمة و "بطولات" اسطورية حتّى يخيّل اليك انك تقف في حضرة انجازات عبد الناصر او بطولات صلاح الدين الايوبي أو نابليون "قاهر اوروبّا". ولعل اكثر ما يحدثك عنه ذلك المعجب بحماس منقطع النظير هو انّ الرئيس "الاسطورة" نجح بتعبيد شارع، انارة شوارع، بناء مدرسة، جمع القمامة دون تأخير، دفع رواتب الموظفين في الوقت.... ان مجرد وجود مثل هؤلاء الرواة المتحمسين المعجبين الى ابعد الحدود بمجرد إقامة مدرسة وتعبيد شارع وجمع قمامة لهو خير دليل على ان اوضاعنا كمجتمع بحاجة الى مراجعة فوريّة ناقدة. هل يعقل يا رعاكم الله، ونحن في القرن الـ21، قرن الثورات العلمية والتفجر المعرفي والانفتاح على العالم، قرن الطموح والتحضر والارتقاء الفكري الثقافي والانساني، هل يعقل النظر الى بناء مدرسة وتعبيد شارع على انها انجازات وعلى ان الرئيس الذي انجزها لهو مُصلح كبير !! نعم، لو كنا نعيش في غياهب القرن الـ 19 او في ادغال افريقيا او على احدى الجزر غير المكتشفة لاعترفنا فعلا بان تلك هي حقا انجازات بل بطولات.


ضرورة التأسيس لمستقبل انجح وارقى
إن ثقافة التطبيل والتزمير لمثل هؤلاء الرؤساء الفاشلين، أو فلنقل غير المنجزين، بهدف تسويقهم وتحويلهم الى "خامات نادرة وعقول فذّة" ينبغي عدم التفريط بها، قد تراكمت وجلبت على مجتمعنا الويلات: لقد سطّحت احلام المواطن العربي وقزّمت سقف طموحاته وحولته الى انسان قنوع الى حد مسيء له نفسه، انسان يقبل بالقليل ويرضخ للأمر الواقع، لا يحلم ولا يكافح فقط لأنه فقد الامل وعاش على وهم اسمه "هذا الموجود!!". كيف يمكن اذا التطبيل والتهليل لهكذا قيادات ولهكذا رؤساء كل ما يتقنوه هو بيع وتصدير "انجازات" وهميّة !! وبالتالي هنالك حاجة ماسة لتوضيح الصورة وفرز الغث وإبعاده عن السمين ووضع تصور معقول وموضوعي للحد الادنى من الاعمال والمشاريع التي يمكن وصفها بالانجاز الحقيقي والتي فعلا يستحق بفضلها رئيس السلطة المحلية العربية منحه صفة رئيس ناجح ومُنجز، تصور يتماشى مع مقتضيات ومع حيثيات اللحظة الراهنة التي نعيشها ومع ضرورة التأسيس لمستقبل انجح وارقى تتحقق فيه الاهداف العليا الخاصة بمجتمعنا:


توفير مستوى حياة أفضل
ان الرئيس الذي يستحق ان يمكث على كرسيه معززا مكرما هو ذاك الذي يقود مجتمع بلده نحو المستقبل بدلا من التقدم به نحو الماضي، هو ذاك الذي يسمو بعقله وبنواياه، يسمو بما يُعلن وبما يخفي، يشكل قدوة لمواطنيه يُحتذى بها بسعة الصدر ورجاحة العقل والتواضع والتخلّي عن النرجسيّة الفارغة وعن جنون العظمة المضحك، يجمع حوله بطانة الخير والعلم من المختصين الذين يضعون بين يديه تصوّرات علميّة مدروسة واضحة ومحددة غايتها تطوير وتحديث الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع ودعم المبادرات المحليّة التي تفيد المجتمع المحلي والنضال من غير كلل او ملل من اجل تحصيل مناطق صناعيّة تكنولوجيّة حديثة وتنويع مصادر رزق ودخل مواطنيه، الارتقاء بالمستوى الثقافي من خلال تنظيم نشاطات تثقيفيّة توعويّة خصوصا لفئة الامهات اللاتي يربين النشء ونحن احوج ما نكون الى ذلك، تغيير وتطوير العقليّات القديمة من خلال تذويت ثقافة التسامح والعطاء والبذل، تربية المواطنين على قيم الاحترام، التواضع، الطموح، التكافل والتضامن، تشخيص ورعاية وتكريم الاطفال النابغين والنظر اليهم على انهم علماء ومفكري وقادة المستقبل، الاهتمام الى اقصى درجة بالأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة اسوة بالمجتمعات المتنورة، دعم وتشجيع وتكريم طلاب الدرجات الاكاديمية العليا وخصوصا طلاب اللقبين الثاني والثالث وتوجيههم الى المواضيع التي يحتاجها مجتمعنا في المستقبل، بناء جسور الاحترام والثقة بين المواطنين وبين مؤسسة السلطة المحلية. ان الرئيس الناجح هو ذلك الذي يحيي الامل في نفوس الشباب بمستقبل افضل ويجعلهم يفخرون بأنهم ينتمون الى مجتمعهم والى بلداتهم التي يعيشون بها ولا يحلمون كل لحظة بالهرب منها زهقا ومللا وجوعا وغضبا والانتقال الى البلدات اليهوديّة التي توفر لأولادة مستوى حياة ارقى! ان الرئيس الناجح هو الذي يطوّر بلده كل سنة بمقدار سنة لا كل سنة بمقدار يوم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net  

مقالات متعلقة